الاثنين، 5 أغسطس 2019

من خصال العرب العفوعند المقدرة قصة إختفاء إبراهيم بن سليمان


لما أفضت الخلافة إلى بني العباس اختفت رجال بني أمية وكان فيمن اختفى إبراهيم بن سليمان بن عبدالملك حتى أخذ له داود بن علي من أبي العباس الأمان وكان إبراهيم رجلا عالما قال له أبو العباس ذات يوم حدثني عما مر بك فـي اختفائك قال نعم يا أمير المؤمنين كنت مختفيا بالحيرة فـي منزل على طريق الصحراء، إذ نظرت ذات يوم  إلى أعلام سود قد خرجت من الكوفة تريد الحيرة فوقع فـي نفسي وفي روعي أنها تريدني فخرجت من الدار متنكرا حتى دخلت الكوفة ولا أعرف بها أحدا اختفي عنده فبقيت متلددا فإذا أنا بباب كبير ورحبة واسعة فدخلت الرحبة فجلست فيها وإذا رجل وسيم حسن الهيئة على فرس قد دخل الرحبة ومعه جماعة من غلمانه وأتباعه فقال لي من أنت وما حاجتك فقلت رجل مختف يخاف على دمه قد استجار بمنزلك قال فأدخلني منزلة ثم صيرني فـي حجرة تلي حرمه فمكثت عنده وكان يزودني بكل ما أحب من مطعم ومشرب وملبس لا يسألني عن شيء من حالي ويركب كل يوم ركبة فقلت له يوما أراك تدمن الركوب ففيم ذلك فقال لي إن إبراهيم بن سليمان بن عبد الملك قتل أبي صبرا وقد بلغني أنه مختف فأنا أطلبه لأدرك منه ثأري فكثر تعجبي من إدبارنا إذ ساقني القدر إلى الاختفاء فـي شمل من يطلب دمي فكرهت الحياة فسألت الرجل عن اسمه واسم أبيه فخبرني بهما فقلت إني قتلت أباه فقلت له يا هذا قد وجب علي حقك ومن حقك أن أقرب عليك الخطوة قال وما ذاك قلت أنا إبراهيم بن سليمان قاتل أبيك فخذ بثأرك قال أحسب أنك رجل قد مللت الاختفاء فأحببت الموت قلت بل الحق قلت يوم كذا بسبب كذا فلما عرف أني صادق اربد وجهه واحمرت عيناه وأطرق مليا ثم رفع رأسه إليَّ وقال أما أنت فستلقى أبي فيأخذ منك حقه وأما أنا فغير مخفر ذمتي فاخرج عني فلست آمن نفسي عليك وأعطاني ألف دينار فلم أقبلها وخرجت من عنده فهذا أكرم رجل رأيته .

ليست هناك تعليقات:

';