مولده- ولد محمد البشير الإبراهيمي في 13 شوال 1306 هـ الموافق 14 يونيو عام 1889م في بلدية أولاد ابراهيم بولاية برج بوعريريج. تعلّم بمسقط رأسه على يد والده وعمه، الشيخ محمد المكي الإبراهيمي، الذى لاحظ أن الولد قد رزق حافظة عجيبة وذاكرة قوية، فاستغلها في تعليمه؛ فجعل له برنامجاً تعليمياً في ليله ونهاره، وكان يملي عليه من شعر العرب القدماء والمحدثين، وحفظ البشير القرآن الكريم مع معالم مفرداته وهو ابن تسع سنين، وحفظ مع ذلك في أثناء هذه المدة المتون المهمة في العلم، وتفقه في قواعد النحو والفقه والبلاغة، وشهد في يفاعته في منطقته كيف هجر الفرنسيون كافة القبائل التي حاربتهم في جبال البيبان دون رحمة أو شفقة، وسميت هذه الجبال بالبيبان لوعورة مسالكها وارتفاع قممها. وتوفي عمه سنة 1320=1903 وقد ترك تلميذا نجيباً وعالماً متمكناً، فخلفه الإبراهيمي في التدريس، وانثال عليه طلبة العلم من البلدان القريبة، والتزم والده بإطعامهم والقيام عليهم كعادة الأسرة.[3]
سنة 1911 رحل إلى الحجاز واستقر بالمدينة المنورة أين تلقى تكوينا عاليا في اللغة والفقه والعلوم الإسلامية، ومن المدينة انتقل إلى دمشق التي استفاد من مدارسها ومشايخها، ولدى عودته إلى
الوطن استقر بمدينة سطيف وبها باشر مهمة التربية والتعليم وكان على اتصال وثيق مع الشيخ عبد الحميد بن باديس.
مشواره العلمي
غادر الجزائر عام 1911 ملتحقاً بوالده الذي كان قد سبقه إلى الحجاز، وتابع تعليمه في المدينة المنورة ، وتعرف على الشيخ ابن باديس عندما زار المدينة عام 1913، غادر الحجاز عام 1916 قاصداً دمشق، حيث اشتغل بالتدريس، وشارك في تأسيس المجمع العلمي الذي كان من غاياته تعريب الإدارات الحكومية، وهناك التقى بعلماء دمشق وأدبائها، ويتذكرهم بعد ثلاثين سنة من عودته إلى الجزائر فيكتب في (البصائر) العدد 64 عام 1949: "ولقد أقمت بين أولئك الصحب الكرام أربع سنين إلا قليلاً ، فأشهد صادقاً أنها هي الواحة الخـضراء في حياتي المجدبة، وأنها هي الجزء العامر في عمري الغامر، ولا أكذب الله، فأنا قرير العين بأعمالي العلمية بهذا الوطن (الجزائر) ولكن ... مَن لي فيه بصدر رحب، وصحب كأولئك الصحب؛ ويا رعى الله عهد دمشق الفيحاء وجادتها الهوامع وسقت، وأفرغت فيها ما وسقت، فكم كانت لنا فيها من مجالس نتناقل فيها الأدب، ونتجاذب أطراف الأحاديث العلمية...". في عام 1920 غادر الإبراهيمي دمشق إلى الجزائر، وبدأ بدعوته إلى الإصلاح ونشر العلم في مدينة سطيف، حيث دعا إلى إقامة مسجد حر (غير تابع للإدارة الحكومية) وفي عام 1924 زاره ابن باديس وعرض عليه فكرة إقامة جمعية العلماء، وبعد تأسيس الجمعية اُختِير الإبراهيمي نائباً لرئيسها، وانتدب من قِبل الجمعية لأصعب مهمة وهى نشر الإصلاح في غرب الجزائر وفى مدينة وهران وهي المعقل الحصين للصوفية الطرقيين، فبادر إلى ذلك وبدأ ببناء المدارس الحرة، وكان يحاضر في كل مكان يصل إليه، وهو الأديب البارع والمتكلم المفوَّه، وامتد نشاطه إلى تلمسان وهى واحة الثقافة العربية في غرب الجزائر وقـامت قيامة الفئات المعادية من السياسيين والصوفيين وقدموا العرائض للوالي الفرنسي؛ يلتمسون فيها إبعاد الشيخ الإبراهيمي، ولكن الشيخ استمر في نشاطه، وبرزت المدارس العربية في وهران. وفي عام 1939 كتب مقالاً في جريدة الإصلاح؛ فنفته فرنسا إلى بلدة (أفلو) الصحراوية ، وبعد وفاة ابن باديس انتخب رئيساً لجمعية العلماء وهو لا يزال في المنفى ولم يُفرج عنه إلا عام 1943، ثم اعتقل مرة ثانية عام 1945 وأفرج عنه بعد سنة. وفى عام 1947 عادت مجلة (البصائر) للصدور، وكانت مقالات الإبراهيمي فيها في الذروة العليا من البلاغة ومن الصراحة والنقد القاسي لفرنسا وعملاء فرنسا. يقول عن زعماء الأحزاب السياسية: «ومن خصومها (أي الجمعية) رجال الأحزاب السياسية من قومنا من أفراد وأحزاب يضادّونها كلما جروا مع الأهواء فلم توافقهم، وكلما أرادوا احتكار الزعامة في الأمة فلم تسمح لهم، وكلما طالبوا تأييد الجمعية لهم في الصغائر - كالانتخابات - فلم تستجب لهم، وكلما أرادوا تضليل الأمة وابتزاز أموالها فعارضتهم"[4].» ودافع في البصائر عن اللغة العربية دفاعاً حاراً: «"اللغة العربية في القطر الجزائري ليست غريبة، ولا دخيلة، بل هي في دارها وبين حماتها وأنصارها، وهي ممتدة الجذور مع الماضي مشتدة الأواصر مع الحاضر، طويلة الأفنان في المستقبل".» واهتمت (البصائر) بالدفاع عن قضية فلسطين ؛ فكتب فيها الإبراهيمي مقالات رائعة. عاش الإبراهيمى حتى استقلت الجزائر ، وأمّ المصلين في مسجد (كتشاوة) الذي كان قد حُوّل إلى كنيسة، ولكنه لم يكن راضياً عن الاتجاه الذي بدأت تتجه إليه الدولة بعد الاستقلال؛ فأصدر عام 1964 بياناً ذكر فيه: "إن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تنبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية لا من مذاهب أجنبية"
النشاط الإصلاحي
بدأ الشيخ البشير الإبراهيمي مهمته من خلال مهنة التعليم التي كان يرى فيها وسيلة فعالة من أجل إصلاح أوضاع الجزائر، بتوعية الشعب وتعليمه مبادئ دينه ولغته حتى يكون مستعداّ للدفاع عنها أمام المستعمر، وساهم مع بن باديس في تأسيس جمعية العلماء المسلمين سنة 1931 وعيّن نائبا للرئيس، كما اختير لتمثيل الجمعية في الغرب الجزائري بعد أن كلف بإدارة مدرسة دار الحديث بتلمسان، ونظرا لنشاطه المعادي للاستعمار اعتقل من طرف الإدارة الفرنسية و نفي إلى آفلو بالأغواط و رغم تواجده بالمنفى إلا أنه اختير رئيسا لجمعية العلماء بعد وفاة بن باديس. أطلق سراحه سنة 1943، وأعيد اعتقاله بعد تنديده بمجازر 08 ماي 1945 بعد إطلاق سراحه ثانية واصل نشاطه الدعوي، على نهج بن باديس و كان يكتب افتتاحية جريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء، كما أصدر جريدة الشاب المسلم باللغة الفرنسية. انتقل سنة 1952إلى المشرق العربي واستقر بالقاهرة وبقي هناك إلى غاية اندلاع الثورة التحريرية إذ أصدر بيان جمعية العلماء المسلمين، الداعي إلى إلتفاف الشعب بالثورة التحريرية. وفي مصر كان له نشاط لصالح القضية الجزائرية إلى غاية الاستقلال. توفي في 20 ماي 1965.
وفاته
تُوفي البشير الإبراهيمي يوم الخميس في العشرين من أيار (مايو) عام 1965. بعد أن عاش حياة كلها كفاح لإعادة المسلمين إلى دينهم القويم. عاش للبشير الإبراهيمي من الأولاد ابنتان وولدان؛ ابنه البكر محمد الذي توفي بعد مرض عضال، والدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، المولود سنة 1932، والذي ناضل في صفوف الثورة الجزائرية وتبوأ منصب وزير خارجية الجزائر، وأسس حزب الوفاء
من روائع شعره عن اللغة العربية
الوطن استقر بمدينة سطيف وبها باشر مهمة التربية والتعليم وكان على اتصال وثيق مع الشيخ عبد الحميد بن باديس.
مشواره العلمي
غادر الجزائر عام 1911 ملتحقاً بوالده الذي كان قد سبقه إلى الحجاز، وتابع تعليمه في المدينة المنورة ، وتعرف على الشيخ ابن باديس عندما زار المدينة عام 1913، غادر الحجاز عام 1916 قاصداً دمشق، حيث اشتغل بالتدريس، وشارك في تأسيس المجمع العلمي الذي كان من غاياته تعريب الإدارات الحكومية، وهناك التقى بعلماء دمشق وأدبائها، ويتذكرهم بعد ثلاثين سنة من عودته إلى الجزائر فيكتب في (البصائر) العدد 64 عام 1949: "ولقد أقمت بين أولئك الصحب الكرام أربع سنين إلا قليلاً ، فأشهد صادقاً أنها هي الواحة الخـضراء في حياتي المجدبة، وأنها هي الجزء العامر في عمري الغامر، ولا أكذب الله، فأنا قرير العين بأعمالي العلمية بهذا الوطن (الجزائر) ولكن ... مَن لي فيه بصدر رحب، وصحب كأولئك الصحب؛ ويا رعى الله عهد دمشق الفيحاء وجادتها الهوامع وسقت، وأفرغت فيها ما وسقت، فكم كانت لنا فيها من مجالس نتناقل فيها الأدب، ونتجاذب أطراف الأحاديث العلمية...". في عام 1920 غادر الإبراهيمي دمشق إلى الجزائر، وبدأ بدعوته إلى الإصلاح ونشر العلم في مدينة سطيف، حيث دعا إلى إقامة مسجد حر (غير تابع للإدارة الحكومية) وفي عام 1924 زاره ابن باديس وعرض عليه فكرة إقامة جمعية العلماء، وبعد تأسيس الجمعية اُختِير الإبراهيمي نائباً لرئيسها، وانتدب من قِبل الجمعية لأصعب مهمة وهى نشر الإصلاح في غرب الجزائر وفى مدينة وهران وهي المعقل الحصين للصوفية الطرقيين، فبادر إلى ذلك وبدأ ببناء المدارس الحرة، وكان يحاضر في كل مكان يصل إليه، وهو الأديب البارع والمتكلم المفوَّه، وامتد نشاطه إلى تلمسان وهى واحة الثقافة العربية في غرب الجزائر وقـامت قيامة الفئات المعادية من السياسيين والصوفيين وقدموا العرائض للوالي الفرنسي؛ يلتمسون فيها إبعاد الشيخ الإبراهيمي، ولكن الشيخ استمر في نشاطه، وبرزت المدارس العربية في وهران. وفي عام 1939 كتب مقالاً في جريدة الإصلاح؛ فنفته فرنسا إلى بلدة (أفلو) الصحراوية ، وبعد وفاة ابن باديس انتخب رئيساً لجمعية العلماء وهو لا يزال في المنفى ولم يُفرج عنه إلا عام 1943، ثم اعتقل مرة ثانية عام 1945 وأفرج عنه بعد سنة. وفى عام 1947 عادت مجلة (البصائر) للصدور، وكانت مقالات الإبراهيمي فيها في الذروة العليا من البلاغة ومن الصراحة والنقد القاسي لفرنسا وعملاء فرنسا. يقول عن زعماء الأحزاب السياسية: «ومن خصومها (أي الجمعية) رجال الأحزاب السياسية من قومنا من أفراد وأحزاب يضادّونها كلما جروا مع الأهواء فلم توافقهم، وكلما أرادوا احتكار الزعامة في الأمة فلم تسمح لهم، وكلما طالبوا تأييد الجمعية لهم في الصغائر - كالانتخابات - فلم تستجب لهم، وكلما أرادوا تضليل الأمة وابتزاز أموالها فعارضتهم"[4].» ودافع في البصائر عن اللغة العربية دفاعاً حاراً: «"اللغة العربية في القطر الجزائري ليست غريبة، ولا دخيلة، بل هي في دارها وبين حماتها وأنصارها، وهي ممتدة الجذور مع الماضي مشتدة الأواصر مع الحاضر، طويلة الأفنان في المستقبل".» واهتمت (البصائر) بالدفاع عن قضية فلسطين ؛ فكتب فيها الإبراهيمي مقالات رائعة. عاش الإبراهيمى حتى استقلت الجزائر ، وأمّ المصلين في مسجد (كتشاوة) الذي كان قد حُوّل إلى كنيسة، ولكنه لم يكن راضياً عن الاتجاه الذي بدأت تتجه إليه الدولة بعد الاستقلال؛ فأصدر عام 1964 بياناً ذكر فيه: "إن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تنبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية لا من مذاهب أجنبية"
النشاط الإصلاحي
بدأ الشيخ البشير الإبراهيمي مهمته من خلال مهنة التعليم التي كان يرى فيها وسيلة فعالة من أجل إصلاح أوضاع الجزائر، بتوعية الشعب وتعليمه مبادئ دينه ولغته حتى يكون مستعداّ للدفاع عنها أمام المستعمر، وساهم مع بن باديس في تأسيس جمعية العلماء المسلمين سنة 1931 وعيّن نائبا للرئيس، كما اختير لتمثيل الجمعية في الغرب الجزائري بعد أن كلف بإدارة مدرسة دار الحديث بتلمسان، ونظرا لنشاطه المعادي للاستعمار اعتقل من طرف الإدارة الفرنسية و نفي إلى آفلو بالأغواط و رغم تواجده بالمنفى إلا أنه اختير رئيسا لجمعية العلماء بعد وفاة بن باديس. أطلق سراحه سنة 1943، وأعيد اعتقاله بعد تنديده بمجازر 08 ماي 1945 بعد إطلاق سراحه ثانية واصل نشاطه الدعوي، على نهج بن باديس و كان يكتب افتتاحية جريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء، كما أصدر جريدة الشاب المسلم باللغة الفرنسية. انتقل سنة 1952إلى المشرق العربي واستقر بالقاهرة وبقي هناك إلى غاية اندلاع الثورة التحريرية إذ أصدر بيان جمعية العلماء المسلمين، الداعي إلى إلتفاف الشعب بالثورة التحريرية. وفي مصر كان له نشاط لصالح القضية الجزائرية إلى غاية الاستقلال. توفي في 20 ماي 1965.
وفاته
تُوفي البشير الإبراهيمي يوم الخميس في العشرين من أيار (مايو) عام 1965. بعد أن عاش حياة كلها كفاح لإعادة المسلمين إلى دينهم القويم. عاش للبشير الإبراهيمي من الأولاد ابنتان وولدان؛ ابنه البكر محمد الذي توفي بعد مرض عضال، والدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، المولود سنة 1932، والذي ناضل في صفوف الثورة الجزائرية وتبوأ منصب وزير خارجية الجزائر، وأسس حزب الوفاء
نغار عن أحسابنا أن تمتـهن | والحر عن مجد الجدود مؤتمن |
و لـغة العرب لسان ممتحن | إن لم يذد أبــناؤه عنه، فمـن؟ |
- عيون البصائر: وهي مجموعة من مقالاته التي كتبها في السلسلة الثانية من مجلة البصائر.
- بقايا فصيح العربية في اللهجة العامية بالجزائر
- النقايات والنفايات في لغة العرب: جمع فيه كل ما جاء على وزن فعالة من مختار الشيء أو مرذوله.
- أسرار الضمائر في العربية
- التسمية بالمصدر
- الصفات التي جاءت على وزن فعَل
- نظام العربية في موازين كلماتها
- الاطراد والشذوذ في العربية: وهي رسالة في الفرق بين لفظ المطرد والكثير عند ابن مالك.
- ما أخلت به كتب الأمثال من الأمثال السائرة
- رسالة في ترجيح أن الأصل في بناء الكلمات العربية ثلاثة أحرف لا اثنان
- رواية كاهنة الأوراس: بأسلوب مبتكر يجمع بين الحقيقة والخيال.
- رسالة في مخارج الحروف وصفاتها بين العربية الفصيحة والعامية
- حكمة مشروعية الزكاة في الإسلام
- شعب الإيمان: جمع فيه الأخلاق والفضائل الإسلامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق