روائع إبن القيم 01


قال ابن القيم رحمه الله:
“وأما الصبر عن المعاصي فأمره ظاهر , وأعظم ما يعين عليه قطع المألوفات ومفارقة الأعوان عليها في المجالسة والمحادثة وقطع العوائد , فإن العادة طبيعة خاصة , فإذا انضافت الشهوة إلي العادة تظاهر جندان من جند الشيطان فلا يقوي باعث الدين علي قهرهما .” من كتاب ( عدة الصابرين )
اذا تدبرت هذه المقولة سيكون لها أثر عظيم في ذلك ؛ قال رحمه الله:“اللذة المحرمة ممزوجة بالقبح حال تناولها مثمرة للألم بعد انقضائها فإذا اشتدت الداعية منك إليها ففكر في انقطاعها وبقاء قبحها وألمها ثم وازن بين الأمرين .” من كتاب ( الفوائد )
الخلاصة ؛ قال رحمه الله:” (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)الحج:78 أي متى اعتصمتم به تولاكم ونصركم على أنفسكم وعلى الشيطان وهما العدوان اللذان لا يفارقان العبد , وعداوتهما أضر من عداوة العدو الخارج , فالنصر على هذا العدو أهم والعبد إليه أحوج وكمال النصرة على العدو بحسب كمال الاعتصام بالله .”من كتاب ( مدارج السالكين )


      📜قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
"وإذا تأمَّلت السبعة الذين يُظلّهم الله عز وجل في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله؛ وجدتهم إنما نالوا ذلك الظل بمخالفة الهوى،
فإن الإمام المسلط القادر لا يتمكّن من العدل إلا بمخالفة هواه، والشاب المؤثر عبادة الله على داعي شبابه لولا مخالفة هواه لم يقدِر على ذلك، والرجل الذي قلبه معلّقٌ بالمساجد إنما حمله على ذلك مخالفة الهوى الداعي له إلى أماكن اللذات، والمتصدِّق المُخفي لصَدقتِه عن شماله لولا قهره لهواه لم يقدِر على ذلك، والذي دعته المرأة الجميلة الشريفة فخاف الله عز وجل وخالف هواه، والذي ذكر الله عز وجل خاليًا ففاضت عيناه من خشيته إنما أوصله إلى ذلك مخالفة هواه،
فلم يكن لحرّ الموقف وعرقه وشدته سبيل عليهم يوم القيامة"
📖(روضة المحبين؛ ج1، ص: [471]).


 📚 قال ابنُ القَيِّم -رَحِمَهُ اللهُ-.
« اللَّذَّةُ المُحرَّمَةُ مَمزُوجَةٌ بِالقُبحِ حَال تَناوُلِهَا، مُثمِرَةٌ لِلألَم بَعدَ انقِضَائِهَا؛ فَإذَا اشتَدَّت الدَّاعِيَة مِنكَ إليهَا فَفكِّر فِي انقِضائهَا وبَقاءِ قُبحِهَا وألمِهَا؛ ثُمَّ وَازِن بَينَ الأمرَينِ، وانظُر مَا بَينهمَا مِنَ التَّفَاوُت.
والتَّعَبُ بالطَّاعَةِ مَمزُوجٌ بِالحُسنِ، مُثمِرٌ لِلَّذَّةِ والرَّاحَة؛ فَإذَا ثَقُلَت عَلى النَّفسِ فَفَكِّر فِي انقِطَاعِ تَعَبِهَا وبَقاءِ حُسنِهَا ولَذَّتِهَا وسُرُورِهَا، ووَازِن بَينَ الأمرَينِ، وآثرِ الرَّاجِحَ عَلى المَرجُوحِ.
فَإن تَألَّمتَ بالسَّبَبِ فَانظُر إلى مَا فِي المُسَبِّبِ مِنَ الفَرحَةِ والسُّرُورِ واللَّذَّةِ يَهُن عَلَيكَ مُقَاسَاتِه.
وإِن تَألَّمتَ بِتَركِ اللَّذَّةِ المُحرَّمَة فَانظُر إِلى الألَم الَّذِي يَعقُبه، ووَازِن بَينَ الألَمينِ.
وخَاصِيَّةُ العَقلِ = تَحصِيلُ أعظَمِ المَنفَعَتينِ بِتَفوِيتِ أدنَاهُمَا، واحتِمَالُ أصغَرِ الألَمَينِ لِدَفعِ أعلَاهُمَا.
وهَذَا يَحتاجُ إلى عِلمٍ بالأسبَابِ ومُقتَضَيَاتِهَا، وإلى عَقلٍ يَختارُ بِه الأولَى والأنفَعُ لَهُ مِنهَا؛
فَمَن وَفَرَ قسمُه مِنَ العَقلِ والعِلمِ اختَارَ الأفضَلَ وآثرَه، ومَن نَقُصَ حَظَّهُ مِنهُمَا أو مِن أحدِهِمَا اختَارَ خِلافَه،
ومَن فَكَّرَ فِي الدُّنيَا والآخرَة عَلِمَ أنَّهُ لا يَنالَ وَاحِدًا مِنهُمَا إلَّا بِمَشَقَّةٍ؛ فَليتَحَمَّل المَشَقَّة لِخَيرِهِمَا وأبقَاهمَا ».
من كتاب [ الفَوَائِدُ || ٢٧٩ ]

  🍀 قال الإمام بن القيمرحمه الله :
" الفرح بالمعصية دليل على شدة الرغبة فيها ، والجهل بقدر من عصاه ، والجهل بسوء عاقبتها وعظم خطرها ، ففرحه بها غطى عليه ذلك كله ، وفرحه بها أشد ضررا عليه من مواقعتها ،
والمؤمن لا تتم له لذة بمعصية أبدا ، ولا يكمل بها فرحه ، بل لا يباشرها إلا والحزن مخالط لقلبه ، ولكن سكر الشهوة يحجبه عن الشعور به ، ومتى خلى قلبه من هذا الحزن ، واشتدت غبطته وسروره فليتهم إيمانه ، وليبك على موت قلبه ، فإنه لو كان حيا لأحزنه ارتكابه للذنب ، وغاظه وصعب عليه ، ولا يحس القلب بذلك ، فحيث لم يحس به فما لجرح بميت إيلام .
وهذه النكتة في الذنب قل من يهتدي إليها أو ينتبه لها ، وهي موضع مخوف جدا ، مترام إلى هلاك إن لم يتدارك بثلاثة أشياء : خوف من الموافاة عليه قبل التوبة ، وندم على ما فاته من الله بمخالفة أمره ، وتشمير للجد في استدراكه .
📗مدارج السالكين ج1ص198

       قال الامام ابن القيم رحمه الله 
 ومن مكايد عدو الله ومصايده ، التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين ، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين : سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة ، الذي يصد القلوب عن القرآن ، ويجعلها عاكفة على الفسوق والعصيان ، فهو قرآن الشيطان ، والحجاب الكثيف عن الرحمن ..> ثم ذكر هذه الأبيات :
 تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة --- لكنه إطراق ساه لاهي
 وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا --- والله ما رقصوا لأجل الله 
 دف ومزمار ونغمة شادن --- فمتى رأيت عبادة بملاهي
 ثقل الكتاب عليهم لما رأوا --- تقييده بأوامر و نواهي 

 ثم ذكر ابن القيم أبياتا أخرى:

برئنا إلى الله من معشر --- بهم مرض من سماع الغنا 
 وكم قلت يا قوم أنتم على --- شفا جرف ما به من بنا 
 شفا جرف تحته هوة --- إلى درك كم به من عنا 
 وتكرار ذا النصح منا لهم --- لنعذر فيهم إلى ربنا 
 فلما استهانوا بتنبيهنا --- رجعنا إلى الله في أمرنا
 فعشنا على سنة المصطفى --- وماتوا على تنتنا تنتنا .


       قال الإمام ابن القيم رحمه الله
:  إن الطاعة تنور القلب، وتجلوه وتصقله، وتقويه وتثبته، حتى يصير كالمرآة المجلوة في جلائها وصفائها ويمتلئ نورا؛ فإذا دنا الشيطان منه أصابه من نوره ما يصيب مسترقي السمع من الشهب الثواقب. • - فالشيطان يفرق من هذا القلب أشد من فرق الذئب من الأسد، حتى إن صاحبه ليصرع الشيطان، فيخر صريعا، فيجتمع عليه الشياطين، فيقول بعضهم لبعض: ما شأنه؟ فيقال: أصابه إنسي، وبه نظرة من الإنس! فيا نظرة من قلب حر منور ... يكاد لها الشيطان بالنور يحرق     الداء والدواء
وقال أيضا رحمه الله  : ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما وجلاؤه بالذكر فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء فإذا ترك صدئ فإذا جلاه (وصدأ القلب بأمرين بالغفلة والذنب وجلاؤه بشيئين بالاستغفار والذكر ) فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكبا على قلبه وصدأه بحسب غفلته وإذا صدئ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه فيرى الباطل في صورة الحق والحق في صورة الباطل لأنه لما تراكم عليه الصدأ أظلم فلم تظهر فيه صورة الحقائق كما هي عليه فإذا تراكم عليه الصدأ واسود وركبه الران فسد تصوره وإدراكه فلا يقبل حقا ولا ينكر باطلا وهذا أعظم عقوبات القلب.
⬂ الوابل الصيب


       📚قال الإمام ابن القيم رحمه الله : 
 "وما أكثر مَنْ يعتقد أنه هو المظلوم المُحِقُّ من كل وجه، ولا يكون الأمر كذلك، بل يكون معه نوعٌ من الحقّ ونوعٌ من الباطل والظلم، ومع خَصمه نوعٌ من الحقّ والعدل، وحُبُّك الشيء يُعمي ويُصِمّ. والإنسان مجبولٌ على حُبِّ نفسه، فهو لا يرى إلا محاسنها، ومُبْغِضٌ لخصمه، فهو لا يرى إلا مساوئه، بل قد يَشْتَدّ به حُبّه لنفسه، حتى يرى مساوئها محاسن، كما قال تعالى: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً} [فاطر: ٨]، ويشتد به بغضُ خصمه حتى يرى محاسنه مساوئ، كما قال: نظَرُوا بِعَيْنِ عَدَاوَةٍ وَلَوَ انَّهَا عَيْنُ الرِّضَا لاسْتَحْسَنُوا مَا اسْتَقْبَحُوا وهذا الجهل مقرون بالهوَى والظلم غالبًا، فإن الإنسان ظلوم جهولٌ".
 📜 إغاثة اللهفان (٩٢٥/٢) ‏


ليست هناك تعليقات:

';